| الشيخ ابوقرون | |
|
+2المحاسبي سعد ابوقرون thaqip 6 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
thaqip
عدد المساهمات : 6 نقاط : 10630 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
| موضوع: الشيخ ابوقرون الأحد نوفمبر 15, 2009 12:59 pm | |
| سلام الله عليكم ورحمته بداءَ تحياتي لمن كان وراء جهد اقامة هذا الملم لابناء اسرة ومنطقة الشيخ ابوقرون.. الموضوع نقلاً من كتاب الطريقة القادرية في السودان والدعوة الى الله للشيخ الخليفة حسن ابوقرون فصل الشيخ ابوقرون
قبيل الحديث عن حياته نذكر شيئاً عن آثار أهله وما كانوا عليه، والمواطن التي عاشوا فيها، في فيحاء الأرض الواقعة بين القطبين الشيخ إدريس ود الأرباب على ضفاف النيل الشرقي بالعليفون، والشيخ ود حسونة الذي تتربع ساحة مسيده وقبته على مرتفعات القنن الجبلية العالية، تلفحها هبائب الصيف الساخنة من كل جهة وتحيط بها خريفاً خضرة الوديان المريعة، بين هذا وذاك كانت حياة الأجداد والآباء، والشيخ محمد الخيار الجد الأكبر كان مزامناً للشيخ ود الأرباب ومنه أخذ عهوده الصوفية ومعه كانت حياته، وأمام مسيده وقبته لحده وقبره، ثم كان علي بن محمد الخيار أوصى به شيخ أبيه إلى الشيخ ود حسونة، ثم تتالت أبناؤه وذريته على عهديهما قابضة على حبهما بالجوانح، دافعة به بعداً في سويداء القلوب الغائرة من غير نقض أو تغير أو تبديل، عائشة في ورافة الظلال الصوفية التي توارثوا تلادة معينها ومفهومها، يتقلبون في نعمائها الثرة آناء الليل قياماً لمن شاء الله، والنهار حركة وبركة في بطش المعاش، ومكابدة ومعاناة في الأمر العبادي، من هذا الإرث المتدلي مستند فرعه الرطيب إلى "علي وريّا" ابنا أبزيد بن حبيب الله رضع عرفانه من ثدي "ريّا" الشيخ محمد بدر- ومن "علي صاحب الخضر عليه السلام" نال من إرثه الشيخ محمد أبو قرون ما شاء الله، من إرث روحي تليد، نسجل الحديث عنه من ذاكرة ممن حضر أو مما رأينا. فهو محمد بن يوسف بن علي بن أبزيد بن حبيب الله بن علي بن محمد الخيار بن الفقيه عمر الذي يعلو تسلسل نسبه إلى محمد كاهل الذي تنتمي إليه فروع الكواهلة. ووالدته فاطمة بنت كرادم. ولد عليه رحمة الله بالغابة(1) تقدر سنة ولادته في 1271هـ - 1851 م تقريباً، وقرأ القرآن الكريم في مسيد والده الفكي يوسف الذي كان من الشيوخ الذين أوقدوا نار القرآن في تلك الحقبة الزمنية، معاصراً الشيخ ود بدر، وكانا متجاورين في الحل والترحال لحالة الأسرة الواحدة. وكانت قراءته فيما يبدو أنها لم تتجاوز الربع الأخير من القرآن. وبعد استشهاد والده في حصار الخرطوم جهة الحلفاية 1301هـ عاش تحت كنف والدته التي لها ولأهلها حظ من إغتناء الأغنام ، ومع هذا كان للشيخ محمد ود بدر عناية خاصة به لوجود صلة القرابة. مارس الحياة على عادة ومنوال أهله رعوية هادئة، وتجربة روحية عالية على هدى وآثار قوم صالحين. من هذا المختزن الملتهب في عسعسة الليل أخذ الشيخ محمد أبو قرون حظه الأوفر، فقادته عوامله إلى سلوك طريق الله تعالى على نهج الشيخ الأكبر عبد القادر الجيلاني. وقد مهد له في هذا شيخ الطريقة البدرية "العبيد ود ريّا" وعلى أرضيتها الصلبة بدأت التجربة، أخذ سلوكها من الخليفة أحمد بدر مرتفعة سلسلتها من والده إلى صاحب العفينة عوض الجيد، وأخذت صعوداً إلى الشيخ عبد الله العركي، وقد أشار إلى مستنده الصوفي ابنه الخليفة الجيلي في قصيدة طويلة وثق فيها رجال السلسلة القادرية إلى والده وشطرها الأخير يقول: وباحمدنا انيل القرب ابقران ذوي الصبر ببدرنا يصفو اللب وبشيخ بيعتي أحب
وبالعهود الجيلانية أخذت خطواته حركة جديدة، وكانت عيون كبار المشائخ الذين تربطهم بآبائه وشائج أخوة تراقبه وترشده، إنه بينما كان ذات يوم "بـ عد أم دوم" مع بعض أصدقائه أرسل إليه الشيخ الأمين ود بلة برسالة شفهية فحوى كلماتها أن الوقت قد أزف… وكان بيده سوط عنج كما هي عادة عرب البادية، فالقاه من يده وذهب إلى الشيخ الأمين، ولم يعد بعد ذلك إلى قدماء الصداقة إلا وهو شيخ صوفي، قدر الله أن يكونوا أول من استجاب له لمعرفة سابقة يطمئنون إليها، وكان حديث الشيخ الأمين رحمه الله حافزاً قوياً له في تيار الإنخراط الكلي في ميدان الإجتهاد والذكر.
| |
|
| |
المحاسبي سعد ابوقرون عضو خبير
عدد المساهمات : 408 نقاط : 11442 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 04/09/2009 العمر : 33 الموقع : ماليزيا
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الأحد نوفمبر 15, 2009 5:16 pm | |
| السلام عليكمورحمة الله بارك الله فيك ياود الخاله وارجو منك ان تواصل علي هذا التاريخ الذي لا يعرفه الكثير منا وانا من بينهم وارجو ياثاقب لو عندك معلومه لماذا سمي بهذا الاسم (ابوقرون) ان تخبرنا اياها سمعنا كثيرا من الاقول ولكن لاندري ايها الصحيح. وارجو من الجميع ان يدرجو لنا حياة اولاده من تأسيس القريه الي عهدنا هذا كنا والله نجلس مع حسن ود شيخ العرب رحمه الله ونسمع منه الكثير من القصص الرائعه من عهد الخليفه الحسن ابوقرون رحمة الله. وارجو منك امواصله في هذا الموضوع الشيق. وجزاك الله خير | |
|
| |
ابوهاجر عثمان عضو خبير
عدد المساهمات : 324 نقاط : 11140 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 26/08/2009 العمر : 53 الموقع : djibouti
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الأحد نوفمبر 15, 2009 5:53 pm | |
| مشكور الأخ ثاقب على السرد التاريخي الجميل وأحسب |أنك بدأت صفحة التوثيق لتاريخ قريتنا الحبيبة ، وأرجو منك السير على خطى متسلسلة للأحداث لتكون سيرة عطرة وسهلة الحفظ وإستعن بعد الله بأصحاب التاريخ وأهل الشأن ، وجزاك الله خيراً وأثابك على المجهود ، والى الأمام | |
|
| |
thaqip
عدد المساهمات : 6 نقاط : 10630 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الأحد نوفمبر 15, 2009 7:54 pm | |
| شكر الله لكم اخي المحاسبي وابوهاجر لا اعلم الكثير عن تاريخ المنطقة انما انا ناقل لمؤلف الشيخ الخليفة الحسن الطريقة القادرية في السودان والدعوة الى الله حيث يحتوي الفصل الرابع من الباب الثالث على مقتطف تاريخي عن الشيخ ابوقرون ومشيخته الصوفية سأوردها تباعاً كلما سنحت لي الفرص ان شاء الله.. ويا حبذا لو شارك اهل المعرفة لاثراء الموضوع بالمعلومات المحققة.. | |
|
| |
الازهر يوسف عثمان عكاشه عضو خبير
عدد المساهمات : 374 نقاط : 11199 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 20/09/2009 العمر : 47 الموقع : ابوقرون
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الأربعاء نوفمبر 25, 2009 7:35 pm | |
| مشكور الاخ ثاقب رجال صدقو مع الله فصدق معهم والله المستعان | |
|
| |
thaqip
عدد المساهمات : 6 نقاط : 10630 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:56 pm | |
| المشـيخـة القـادريـة: بعد أن أخذ بيعة الطريقة كلف بمهام الإرشاد والتربية للمريدين، وكان إيقاد نار القرآن من أكبر هموم الشيخ الصوفي، ثم توظيف ليالي الجمع بالمدائح النبوية وغيرها، وإحياء ليالي الأعياد وأيامها بحلق الذكر، هذه مسئوليات جديدة لم تعرفها حياة الشيخ السابقة، وأوجب عليه هذا مكاناً يسع حركته الجديدة، لعله استفاد من حركة الشيوخ قبله انه سيتبع هذا التفافاً من الناس وعمراناً، لابد أن يجد المكان المريح له ولأتباع حركته، اختار مكان مسيده العامر اليوم حيث كانت غابة كثيفة الأشجار والحشائش لم تُرتَدْ بسكنى قبل، فذهب معه أخوه وتلميذه محمد أبو جواد رحمهما الله وأشارا إلى المكان الذي اقترحه الشيخ من كل جهة، ثم عمل فيما بعد هو ومن معه في تنظيفه، وشيد إلى جانبه شمالاً حجرة أسرته الصغيرة التي لم تكن تتجاوز حينها ثلاثة أو أربعة أشخاص، وبداخل المكان الفسيح بدأ بخلاوي للضيف والمريدين، مبنية من أخشاب الأشجار وحشائش التمام(1) ، ومن الطبيعي أن تكون البداية شاقة وصعبة في كل شيء يقدم عليه، إلا أن يصحب الإنسان التوفيق والسداد، وقد أصبحت حياته بعد عبء المشيخة مثقلة بمسئوليات لم تكن في الحسبان ولم يقدر لها سابقاً، أنى له أن يفي بهذه المطالب والمستلزمات في جميع ضروبها، لكن قوة اليقين تدعوه إلى التوكل على الله وحده وأن يلقي إليه مقاليد الإمور، إنه سيجعل له من الضيق مخرجاً ويبدله بعد العسر يسراً، (إن كبار المشائخ في عزائمهم ليسوا كغيرهم من الناس)، لأنهم يعلمون أن الطريق منهج دعوة إلى الله تعالى، وعليهم في ذلك بذل المهج والأرواح الغالية، هذا ما تعنيه المشيخة الصوفية في ماضيها البعيد وحاضر اليوم، فمن تذهب بهم الجهالة يظنون ظن الجاهلية أنها الجاه وكثرة الأتباع، ولما كانت المشيخة عند القوم وظيفة نيابة عن النبوة في الدعوة إلى الله تعالى. | |
|
| |
ابوهاجر عثمان عضو خبير
عدد المساهمات : 324 نقاط : 11140 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 26/08/2009 العمر : 53 الموقع : djibouti
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الجمعة ديسمبر 18, 2009 7:13 pm | |
| الاخ ثاقب مشكور ،وربنا يوفقك وما تنقطع | |
|
| |
thaqip
عدد المساهمات : 6 نقاط : 10630 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الأحد ديسمبر 20, 2009 2:20 am | |
| المجاهدات: يبدو أن هناك التزام في بداية كبار المشائخ بالمجاهدات، وهذا يجعل فارقاً بين الشيخ المؤسس للطريقة وبين الذين يخلفونه، وقد كانت عبارات أهل الطريقة أهل الطريق من قديم تدعو إلى تكبد المشاق والمجاهدات والأخذ بالعزائم (من لم تكن له بدايات محرقة لم تكن له نهاية مشرقة) ، هذا الديدن فرض علي الشيخ محمد أبو قرون رحمه الله أن يخوض تجربته الذاتية الخاصة من غير أن تفرض عليه. والتوثيق لفترة المجاهدات يدعو أن نأخذ رواية التوثيق من الذين حضروا الشيخ وتحادثوا معه، أو جري الحديث حول ما كان، وكان من قرب الرواية أن نأخذ قول ابنه الخليفة الجيلي: "أول خلوة دخلها - يعني والده - كانت سبعة شهور"(1) ، فهي أول تجربة في ميدان التصوف والسلوك، فكانت فيما بعد ترياقه الثابت الذي يأخذ منه قوة العزم على الصعاب، ولعل الخلوة وتجربتها كان لها بعدها تواصلها بالذكر والسهر وهما من الثوابت التي لا غنى عنهما في حياة الصوفي. يقول حفيده الفكي محمد أبو شري رحمه الله مرت عليّ أيام تعبت فيها من السهر لأن أبي كان مريضاً وكنت ملازماً له، وعند السحر أذهب إلى خلوة القرآن لتدريس الطلاب، فشكوت حالة التعب لجدي الشيخ فقلت لا أعرف أيكم أطيع: أول الليل مع والدي المريض وبقية الليل أذهب إلى طلبة القرآن، فقال لي أتعبت من هذا؟ وأنا منذ سنتين لم تذق عيني طعم النوم؟" المعرفة بأحوال ومجاهدات كبار الشيوخ شيء ضروري لما فيه من الهداية التي تقود الى التأسي بأحوالهم، وإستنهاض للهمم في ذكر الله تعالى ومراقبة الأحوال ضعفاً وقوة، وهذا ما دعا بعض المريدين الذين يتعشقون فضائل الأعمال وقممها العالية، أن يسأل ويبحث عن أحوال الشيوخ الذين يتتلمذون عليهم، وهذا ما جعل الشاعر حسب الرسول الشهير "بركب عودك" رحمه الله وكان رجلاً جسوراً لا يخاف، دعته شجاعته البدوية أن يتذاكر مع أستاذه الشيخ أبو قرون مجاهداته وأحوالاً خاصة في ذلك فقال له: منذُ كذا سنة لم أذق نوماً، لا ليلاً ولا نهاراً(1) إلا نزراً. وتسوقنا مجاهدات الربانيين من هذه الأمة التي ذُكر منها نذراً لرجالٍ في هذا السفر أن نستجمع كلمة موضحةً عن المجاهدات التي عانى خضمها العكر الشيخ محمد أبو قرون، والحديث في هذا قبل كل ما يخطر ويثار بمخيلة القارئ: أنه بحث عن أحوال دقيقة يمكن أن توجد في قدرات الطاقة الإنسانية، والأمر في هذا لا يعني المدح والتمجيد ولكنه محاولة الوقوف على أشياء غائرة فى أبعاد النفس، ومع هذا لا يقدم عليها إلا قلة من أولي العزائم، وقد كان ما عاناه الشيخ محمد أبو قرون من التجربة الروحية الطويلة التي نلمح فيها استغناءه عن الأكل والشرب والنوم، أو قل التقليل من ذلك إلي حده الأدنى، ويُعرف هذا بالطيّ عن المتناولات أياماً التي قدّرت أن تكون قوام البنية، والمغالبة لذلك قد لا يتفق والطبيعة الإنسانية عند الكثير. الحديث عن تجربة الربانيين وما اتسمت به من تيار معاكس لحاجة البنية يطرح تساؤلاً: هل لإنسان التجربة الذي ركب هذه الأهوال أن يستغني عن مطالب الجسد ولو إلى حين؟ لا نستعجل الإجابة، وإن كان من حيث العادة أنه لا، ولكن الأمر تجرى عليه مختبرات التجارب المستخلصة من حياة الأمم السابقة المبثوثة في الأسفار، وما عانى ذلك كان قلة في كل عصر، إن كان هذا غير الرؤية العادية إلا أنه واقع لا نستطيع إسقاط تجربته برأي بعيد عن معتركه، و يقوي ما ذهب إليه إنسان التجربة الصوفية الإعتراف بأن في الإنسان طاقات خفية بعيدة الأغوار تنفجر فتيلتها في أحوالٍ تجعل الإنسان غيرعادي الأحوال. ولعل في أحوال الحروب أمثالاً، فالإنسان باستعداده النفسي يزدري الحياة ويظهر في صور غير عادية، وفي صور الفداء الجبارة كثير من الأمثال المقربة لوجود الطاقة الهائلة في الإنسان التي يتحدى بها الصعاب، يضع الإنسان نفسه بين المتفجرات القاسية لتحقيق هدف، وهو يعلم حقيقة ما هو قادم عليه …. إنه الموت، أمثلة كثيرة تسوقنا طوعاً بالتسليم لقدرات خارقة في الإنسان، وإن كانت عادية إلا أنها لم تكتشف عند الكثير. ما نستشف من التجارب والأمثلة يفسح الميدان سعة لنفوس عظيمة ركبت الأهوال في سبيل ما تصب وتريد، ولا نستطيع بتقاعسنا أو بنظرة قاصرة مغايرة أن ننزل الهمم الكبيرة عن صهوة خيلها التي امتطتها تحدياً في ساحات المنازلة، يقول المتنبي: إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
ما عانته صفوة التصوف شئ شاق ورهيب، وهذا لا يكون إلا بتوفيق من الله تعالى وإعانة منه، ( بتعويض روحي ) يغنيه عن المألوف اليومي. ساق إلي هذا الارتياد ما كان من الشيخ محمد أبو قرون- رحمه الله - من معاناة وتجارب قد يكون ذكرها أسوةً… وقوةً تشدّ النفوس من ارتكاسها إلى تلك المعالي التي هي أصلاً تجربة النبوات في مغاراتها ومحاريبها {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:37] وهذا الرزق المعني في الآية مع مماثلته للمألوف إلا أنه مغاير في كل أحواله للمعتاد، وهو يعني المعوض الروحي (أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)(1)، والأمثلة في حياة النبوة كثيرة تعطي نفوذاً بسلطان الى إرتياد هذه المسالك الصوفية {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}[مريم: 10-11] تصفحنا لما بين دفتي المصحف والتلاوة لآياته المبثوثة ما كان من عبر أو آيات خارقة تعرفنا بنفوس كبيرة وعظيمة في تأريخية الحياة سواء عاصرت النبوات أو اتباع بعدهم، وفي تأريخية الأمة المسلمة هنالك أولياء وعلماء أسخنوا المعركة مع النفس بضراوة وبسالة يقصر عن مرماها الكثير. لا نريد أن نذهب بما ذكر إلى إستدلال جدلي وتجويز لأحوال أو منعٍ، ولكنه تسطير وقائع رائعة كانت محفوظة في ذمة التاريخ إنها منهج ثلةٍ فاضلة أولي علم ونُهىً لا تطيقها النفوس الرخوة. وبعدما حبر اليراع من نماذج أحوال ثرة وسارة نستسمح بث طرف من خلال أحرف السطور مما وعت الذاكرة الإجتماعية من أحوال همة عالية تطويعاً وتطبيقاً علي خطوات تمتاز بالإلتزام الوفي والأريحية الروحية التي لا تضيق علي أحد ولا تترك الأمر انسياباً من غير ضبط . إن ما عليه الشيخ القادري - الذي نسجل نزراً من حياته - هو التزام طريق علي هدي سنة وجماعة ... واضحة المعالم علي درب جيل الصحابة والتابعين الذين كانت حياتهم تطبيقاً لهدي النبوة . هذا المسار هو هو ... الطريق الذي سلكته خطي الشيخ باتزان من غير أرجحة ... وبعد نستسمح أن نسجل إلي جانب ما ذكر شيئاً من بعض (التراويح الشعرية) التي أعتيد أن تسجل توثيقاً لصور وملامح أشواق ندية في حلق الذكر وفي رحاب الأسر ، من صوت شجي رخيم يبعث في النفوس أشواقاً لأحوال صادقة تشدها إلي عالم المعاني الروحية السامية ، يلمس ذلك من فحوي أبياتها وما فيها من نفحات فيض انبلجت من التجارب السلوكية التي صدقت ما عاهدت عليه من مسار ، هذا وبعض الناس في كل حقبة لا يريدون أن يحرموا من سماع روح وترويح من أحوال الصالحين تزيدهم طمأنينة ويقيناً بالحياة الروحية في هذا وتلك ، لا نريد برؤى متعنتة منا من غير مستند أن نحرم الناس استضاءة قبس تضي حوالك ليالي النفوس الحائرة ...حدوٌ يشد الأقدام علي خطي الاصالة السنية. وقد جعلت أبيات الشعر متناثرة هنا وهناك في صفحات توثيق الشيخ القادري رغم أن قراءة الأبيات الشعرية خٌلواً من الالحان والأداء مع ضرب الدفوف لا يعطي القاري الأحاسيس بما في الأبيات ولا توقظ المشاعر نحو السلوك - ولكنه توثيق تاريخي يسجل أحوال أقوام خلت ، وسلفت إلي ربها بصدق . حفظت من الفترة التاريخية لحياة الشيخ القادري لمساً لطيفاً من أحواله تبعثها شاعرية تلميذه أحمد ود مريود شدوً بروائع شعرية مضامين أطرها نداوة إيمانية ومجاهدات سلوكية تسرقنا ألحانها نصغي و نسمع ما جادت به أحاسيس شاعرنا ود مريود المحترق بكاءً ورثاءً على أيامٍ سلفت بمعاني المحك الذي عاناه أستاذه وكانت عليه حياته. إنها إمور لا تطيقها الطبيعة البشرية فهي مغالبه للمألوف والعادة في واقع الإنسان ، التجربة دلت علي امكان غلبة الدين علي الطبائع العادية ، وقد كانت الأسوة في ذلك جيل النبوة الطاهر ، النوم والأكل والشرب وحب الراحة والرفاهة شي تميل إليه مغالبة النفس الإنسانية بحكم البشرية ، وما فيها من حيوانية وليس لها غير ذلك ، ولكن هناك نفوس كبار وعظيمة تغالب المطلب النفسي وتغلبه بالجهد والعزم. إنها إمور صعبة وشاقة لا تغالب لولا توفيق الله تعالي وإعانته لعبده ، ولقد سجلت الذاكرة الإجتماعية التي كانت حول الشيخ ابوقرون ما كان عليه من أحوال وهمة عالية في أمر الدين ، في أشكال وقوالب مختلفة تحفظها ندية علي مدار الفترات التاريخية المتلاحقة، وكان ما سجله شاعره أحمد مريود رحمه الله في قصائده، يعني المحك الذي كابده الشيخ في حياته الفانية ومن ذلك هذا المقطع:
فوقو الدرك دربو الزلك(1) اتوكـل برك
مـا بنمـشــي
لا تـقيفولـو في عين الـــدرك بسم الله بـأدي بحـذرك
هرف الطريق لا يودرك الجوع والعطش لا يدردرك
مـا بنمـشــي
شيخاً أصيل مبسوط يداك الـنبي أيـدك(2)
نــعـــم الــيــحــبك وعاشـرك ما برضي زولاً قاشرك | |
|
| |
ابوهاجر عثمان عضو خبير
عدد المساهمات : 324 نقاط : 11140 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 26/08/2009 العمر : 53 الموقع : djibouti
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون السبت ديسمبر 26, 2009 5:07 pm | |
| عزيزي ثاقب
مشكور على المواصلة وواصل فانك تاخذنا في سياحة رحاب التصوف وان لها لمتعه خاصة حين نستذكرها مترابطة مع سيرة من نعم صلاحهم ومجاهدتهم | |
|
| |
احمد ابوقرون عضو متوسط
عدد المساهمات : 89 نقاط : 10863 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 21/08/2009 العمر : 34 الموقع : ابوقرون
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون الإثنين ديسمبر 28, 2009 3:21 pm | |
| مشكووووور ثاقب وياريت تواصل على هذا المنوال .. | |
|
| |
هشام سعد الطيب عضو محترف
عدد المساهمات : 657 نقاط : 12096 السٌّمعَة : 17 تاريخ التسجيل : 25/08/2009 العمر : 51 الموقع : (أين ماتكونوا يدرككم الموت )
| |
| |
thaqip
عدد المساهمات : 6 نقاط : 10630 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
| موضوع: رد: الشيخ ابوقرون السبت يناير 02, 2010 1:27 pm | |
| وتتابعت الخطوات التأسيسية بعد وقت بخلوة القرآن الكريم، وجماعة الصلوات الخمس من غير جمعه في وقته، وكان بناء المئذنة المرتفعة بالطوب اللبن -أي غير المحروق- وعلى قمتها المؤذنون ، ثم علا صرحها بلال ذو اللكنة العجمية، بتكابيره العالية شاقة رهبة الليالي، وصمت الأيام القاسية مذكراً بوجوب إقامة المكتوبة، الطلاب والسكان القليلة الذين بدأوا في عمارة البلدة، لا يتجاوز أفرادها بضعة عشر شخصاً، وكانت النشاطات الأولى في المسيد تعتمد على الشيخ بشكل كبير، إلى أن اكتملت البنية العضوية لمجتمعه الصغير ونستدل على هذا بأن الليالي كانت تحيى بقصائد من تأليفه وشعراء آخرين مثل أبو كساوي وغيره، رغم أنه لم يشتهر برواية الشعر، وكل ما وصل منه لم يعـد على أصابع اليدين، إلا أنه يحمل تعبيراً حياً عن مشاعر ذلك الجيل وإنفعاله بحركة الدين في نفسه، ومن القصائد التي رويت عنه عناوينها: وأهــــــــل الوســالــة الذكرُو شاع لـــي لــيــم أهـــل اللهِ ود أبزيد
حــــــــــن قــلبي مــــــــــــالا طويل الباع ومن قصائده الجميلة في القوم قصيدته (عمد ديوان حرا) والتي نورد أبياتاً منه: عمد ديوان حرا الوالو للسرا
مـا بنسـى ليمــن
لعيوبنا الظاهرة يا ساتر استرا
ونفحاتنـــــا تــــــــوره قلوبنــــــــــا نـــــوره
مـا بنسـى ليمــن
في مسلك الطريق الوالو والو الضيق
فطورم ماء الإبريق الطبقو للريق
مـا بنسـى ليمــن
القللو المزاح الأوليا السياح
فطورم ماء القراح القامو للصباح
مـا بنسـى ليمــن
البذكرو العطاي الأوليا السراي
على نفسي إستعين بهم فيا معين
مـا بنسـى ليمــن
طايعات وطايعين الأوليا الذاكرين
على نفسي إستعين بهم فيا معين
مـا بنسـى ليمــن
الراجي عند السيد الجر للقصيد
ابقران فيدوه اليفيد من رايكم السديد
مـا بنسـى ليمــن
وسلامي غير تعديد صـلاتــي غيــر تحــديــد
في أم شبـــكاً حـــديد مـهــديــة للـرشـــيــد
| |
|
| |
| الشيخ ابوقرون | |
|