قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم : ( الدين النصيحة ثلاثا , قلنا : لمن يا رسول
الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ) فهذا الحديث
له شأن عظيم , فهو ينص على أن عماد الدين وقوامه
بالنصيحة , فبوجودها يبقى
الدين قائما في الأمة , وبعدمها يدخل النقص على الأمة في جميع شؤون حياتها.
والنصيحة كلمة يعبر
بها عن إرادة الخير للمنصوح له.
و النصيحة لعامة المسلمين تكون بمحبة الخير لهم
كما يحب المرء لنفسه , وكراهية الشر لهم كما يكره لنفسه
ولابد في النصيحة من
ثلاثة أمور :
أولها : الإخلاص لله تعالى في النصيحة لأنه لب الأعمال , ولأن
النصيحة من حق المؤمن على المؤمن , فوجب فيها التجرد عن الهوى والأغراض الشخصية
والنوايا السيئة التي قد تحبط العمل , وتورث الشحناء وفساد ذات البين .
وثانيها : الرفق في
النصح ,وإذا خلت النصيحة من الرفق صارت تعنيفا وتوبيخا لا يقبل ، ومن حرم الرفق فقد
حرم الخير كله كما أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام .
وثالثها : الحِلْم بعد
النصح , لأن الناصح قد يواجه من يتجرأ عليه أو يرد نصيحته , فعليه أن يتحلى بالحلم
, ومن مقتضيات الحلم : الستر والحياء وعدم البذاءة , وترك الفحش .
وإن من الحكمة
والبصيرة في النصيحة معرفة أقدار الناس , وإنزالهم منازلهم ، والترفق مع أهل الفضل
والسابقة , وتخير وقت النصح المناسب , وتخير أسلوب النصح المتزن البعيد عن
الانفعالات , وانتقاء الكلم الطيب والوجه البشوش والصدر الرحب ، فهو أوقع في النفس
وأدعى للقبول وأعظم للأجر عند الله .
فهذه هي حدود النصيحة الشرعية , "
.
فالنبي صلى
الله عليه وسلم فسر النصيحة ,بانها تشمل
القيام بحقوق الله ، وحقوق كتابه ، وحقوق رسوله ، وحقوق جميع المسلمين على اختلاف
أحوالهم وطبقاتهم , فشمل ذلك الدين كله ، ولم يبق منه شيء إلا دخل في هذا الكلام
الجامع المحيط , فكان لزاما على المسلمين أخذ النصيحة خلقا بينهم , فهي القاطعة
لفساد ذات البين والتحريش , والموصلة لمعاني الأخوة والمحبة في الله , وهي
العامل الأهم في تماسك الجماعة والأمة ,
والله الموفق.